Save $588 per year with Sponsored Premium 

مقدمة إلى علم نفس التداول

يرتكب المبتدئون خطأ كبيرًا عندما يشرعون في تعلم التداول، وهو أنهم يفترضون أن اكتساب مهارات التحليلين الفني أو الأساسي وحده يسمح لهم بالنجاح. لكن إتقان التحكم في المشاعر -في واقع الأمر- هو أهم مهارة تسمح للمتداول ببلوغ النجاح؛ حيث إن المشاعر يكون لها التأثير الأكبر على  نتائجك.

دور السيكولوجيا في التداول

لا يرجع الفضل في التداول الناجح إلى صفقة بعينها، لكنه يرجع إلى عدد من الصفقات التي تتبع إستراتيجية معينة. وهذا يعني  أنه يجب على المتداول أن يكون حازمًا بما يكفي في الالتزام بإستراتيجيته حتى مع مكابدة خسائر. لكن البشر بصفة عامة لا يتصرفون عادة بطريقة منطقية، وثمة أوقاتٍ تؤثر فيها المشاعر علينا ونتصرف بطريقة غير عادية.

هل تذكر أخر مرة كنت تستشيط فيها غضبًا؟ ربما تكون وقتئذٍ قد فعلتَ شيئًا وفوجئتَ بتصرفاتك. ربما تكون قد ندمت عليها كثيرًا بعد ذلك، لكنك في تلك اللحظة لم يكن بوسعك أن تمنعها، وربما قد تتصرف بنفس الطريقة لو غضبت مرة أخرى في المستقبل.

يرجع السبب في هذا إلى أن نفسية الشخص تتألف من أفكار ومشاعر تدفعك إلى الإتيان بالتصرفات؛ ومن ثم، فإن السيكولوجيا تشكِّل سلوكياتنا في كل مناحي الحياة، ولا يُستثنى التداول من ذلك.

لا مفر من المشاعر لا سيما بالنسبة للمتداول الجديد غير الماهر، وتستطيع المشاعر أن تمنعك من اتخاذ قرار موضوعي؛ ولهذا السبب عينه، يصبح لتعلُّم كيفية التحكم في المشاعر أهمية قصوى في الوصول إلى التداول الناجح أكثر من أي شيء آخر.

منطقة التركيز

عندما يكون فكر المتداول صافيًا غير خاضعًا لتأثير المشاعر، يُقال عنه في هذه الحالة أنه في منطقة التركيز. عندما تكون في منطقة التركيز، تكون مسيطرًا على سلوكك وقادرًا على اتباع إستراتيجية تداول بطريقة منطقية منظمة.

يجد بعض المتداولين دخول منطقة التركيز سهلاً، لكن حتى أولئك الذين يواجهون صعوبات في الوصول إليها يمكنهم أن يتعلموا التحكم في سلوكهم والانفصال عاطفيًا عن التداول.

خريطة تارب وأهمية السيكولوجيا

يشتهر دكتور/ فان تارب بتحليل عملية التداول إلى ثلاث فئات تؤثر على المتداولين، وقام بترتيب الفئات بحسب أهميتها على النحو الآتي:

  • استراتيجية التداول (10%)
  • إدارة الأموال (30%)
  • العوامل النفسية (60%)

وفقًا لما ذكره دكتور/ تارب، فإن الحالة الفسيولوجية وطريقة تفكير الفرد تجاه التداول تمثل أهم عامل في النجاح.

إن حقيقة مجيء إستراتيجية التداول في الفئة الأقل أهمية بحسب ما ذكره دكتور/ هارب تشير إلى أهمية العامل النفسي في النجاح بغض النظر عن نجاح الإستراتيجية ذاتها.

المشاعر التي تؤثر على التداول

المشاعر التي تترك أثرًا سلبيًا على نتائج التداول هي الطمع والخوف؛ حيث إن هذه المشاعر تدفع المتداول إلى الابتعاد عن خطته، وهو ما قد يؤدي إلى مزيدٍ من المشاكل، مثل الغرور والتداول الانتقامي.

الخوف من الخسارة قد يؤدي إلى مزيدٍ من الخسائر

الخوف من مكابدة خسائر قد يؤدي في النهاية إلى خسائر أكبر؛ فالسلوك العادي للمتداول هو إقفال صفقات التداول مبكرًا سواء إذا تعرضت صفقة التداول لخسارة مؤقتة أو مكسب ضئيل، وعدم السماح لصفقة التداول بأن تأخذ وقتها كاملاً.

عندما يخاف المتداول من الخسارة، فإنه يحاول أن يتجنبها؛ وهو الأمر الذي قد يزيد من خسائره فعلاً.

على سبيل المثال، قد يقوم متداول بفتح صفقة تداول وإنشاء أمر لإيقاف الخسارة ولنقل مثلاً على مسافة 20 نقطة بناءً على الإستراتيجية التي يستخدمها، أو بعبارة أخرى، يوجد سبب فني أو أساسي وراء اختيار مكان نقطة إيقاف الخسارة.

لكن المتداول الخاضع لتأثير الخوف قد يقفل صفقته قبل الأوان، ليس لسببٍ إلا لاتجاه معاكس أخذته الصفقة بصفة مؤقتة. وبالتالي، إذا سارت الصفقة في اتجاه معاكس بـ10 نقاط -مثلاً- فإن نتيجة الصفقة ستكون خسارة 10 نقاط. وإذا انقلبت الصفقة إلى تحقيق مكاسب، يكون المتداول قد حول صفقة رابحة إلى صفقة خاسرة لسبب الخوف.

ثمة سيناريو آخر وهو أن يقوم متداول بإقفال صفقة تداول فور أن تحقق ربحًا مدفوعًا بخوفه من أن يخسر هذا الربح. وإذا استمرت الصفقة بعد ذلك ووصلت إلى الربح المستهدف يكون المتداول حينئذٍ قد قلل من  ربح كامل كانت ستحققه هذه الصفقة إلى مكسب أقل بكثير.

إن هذا السلوك قد أدى في النهاية إلى تحويل إستراتيجية ناجحة إلى إستراتيجية خاسرة لأن المتداول قلل من مقدار الصفقات الرابحة و/أو قلل من الربح الكلي لسبب الخوف من الخسارة.

الطمع يؤدي إلى محاولة جني المزيد من الربح وينتهي الأمر بربحٍ أقل.

سوف يحاول المتداول بتأثيرٍ من الطمع أن يستمر للحصول على ربحٍ أكبر ولن يقفل الصفقة عندما تملي عليه إستراتيجيته ذلك.

عندما يطمع المتداول، فإن هذا يعني له محاولة السعي وراء ربحٍ أكبر والابتعاد عن إستراتيجيته. على سبيل المثال، قد يحدد المتداول ربحًا مستهدفًا وفقًا لإستراتيجيته، وهذا يعني -كما هو الحال مع إيقاف الخسارة- أنه ثمة سبب فني أو أساسي وراء هذا.

لكن عندما يسيطر الطمع على متداول، فإنه لا يقفل صفقة التداول عندما تملي عليه إستراتيجيته ذلك، بل يستمر في السعي نحو المزيد. ما يمكن أن يحدث هو أن تتحول الصفقة وتأخذ اتجاهًا معاكسًا وتنتهي في النهاية على تحقيق ربح أقل، أو حتى قد تنتهي كصفقة خاسرة، وهذا يعني أنهم يقللون من ربحية الإستراتيجية لأنهم يحاولون زيادة ربحهم بدافع الطمع.

المتداول الذي يسيطر عليه الغرور لن يعترف مطلقًا أنه أخطأ

يؤثر الغرور على المتداول ويدفعه إلى عدم إقفال صفقاتٍ في الوقت الذي تملي عليه إستراتيجيته ذلك، أو يدفعه إلى الاستمرار في التداول بناءً على نفس التحليل بعد أن تكون صفقته قد تراجعت لأنه يعتقد أنه على صواب في تقييمه الأصلي.

لا يرغب المتداول تحت تأثير الغرور في الاعتراف بأنه مخطئ. وعلى سبيل المثال، لو حققت الصفقة أداءً سيئًا، فإنه بدلاً من إقفالها طبقًا لإستراتيجيته، يستمر في تحمُّل خسارة أكبر من اللازم لأنه لا يمكنه الاعتراف بأنه أخطأ.

ثمة سيناريو آخر، وهو عدم البحث عن إعدادات أخرى طبقًا لإستراتيجيته بعد أن يتكبد خسارة من صفقة جيدة، بل يواصل -بدلاً من ذلك- فتح صفقات تداول على أساس تحليله الأساسي لأنه يعتقد أنه كان محقًا من بداية.

التداول الانتقامي هو مطاردة المال الذي خسرته في صفقة

التداول الانتقامي هو التداول الذي يطارد فيه المتداول تلك الخسائر التي تكبدها، حيث يكون تركيزه منصبًا على ربح المال  مرة أخرى حتى يغيب عن ذهنه أنه لا يتداول وفقًا لقواعد معينة، وينتهي الأمر بكل صفقة تداول إلى تكبد خسارة أخرى.

أهمية ضبط النفس في التداول

حتى تتجنب التداول تحت تأثير عاطفي، تحتاج إلى اكتساب ضبط النفس الذي يسمح تلك بالتفكير بأكبر قدرٍ من الموضوعية. ثمة طرق متعددة تحقق لك ذلك:

التداول باستخدام إستراتيجية مختبرة

إنك تميل أكثر للحفاظ على هدوئك تحت الضغط إذا كان لديك ثقة في خطة التداول الخاصة بك. إن لم تكن الإستراتيجية قد خضعت للاختبار بالقدر الكافي، فإنها قد تثير الشكوك لدى المتداول، وهذه الشكوك تسمح للخوف بالسيطرة عليه.

التداول باستخدام حسابٍ تجريبي

يجب أن يتم اختبار الإستراتيجية وتنقيحها من خلال حسابٍ تجريبي أولاً قبل أن تستخدم أموال حقيقية؛ فاستخدام أموال  حقيقية يخلق ضغوط إضافية تُضخِّم من المشاعر السلبية التي ينطوي عليها التداول، والتي قد تؤدي إلى مزيدٍ من الخسائر.

تقبُّل المخاطر

إن وجود إستراتيجية تحقق نسبة ربح 100% أمر غير واقعي. يجب أن تكون مستعدًا لتقبُّل الخسائر. من الطبيعي  أن تأمل في أن تنتهي كل صفقة لصالحك، لكن المتداولين غير المتمرسين يتعرضون لتأثير عاطفي أقوى من غيرهم عندما يتلقون خسارة. على العكس، يتقبَّل المتداولون الناجحون الخسائر كجزء من إستراتيجية التداول وينتقلون إلى صفقة التداول التالية دون أن يسمحوا للطمع أو الخوف بالتأثير على قراراتهم المستقبلية.

ملخص

تعلَّمتَ حتى الآن أنَّ:

  • المتداولين الجُدُد يتصورون خطأ أن مهارات التحليل الفني والأساسي هي أهم عنصر في التداول.
  • التحكم في المشاعر هو في الواقع أهم مهارة يجب أن يركز المتداول عليها.
  • دكتور/ فان تارب قام بتحليل عملية التداول إلى ثلاث فئات تؤثر على المتداولين، وهي: الإستراتيجية وإدارة الأموال والعامل النفسي.
  • العامل النفسي هو أهم عنصر في الترتيب تعقبه إدارة الأموال ثم الإستراتيجية. وهذا يبرز قدرة العامل النفسي على إعاقة قدرة المتداول على تحقيق مكاسب بغض النظر عن قدرة الإستراتيجية على تحقيق أرباح.
  • الخوف من الخسارة قد يدفع المتداول إلى إقفال صفقات تداول في وقتٍ مبكر قبل تأخذ الصفقة مسارها كاملاً، وهو ما يؤدي إلى مكابدة مزيد من الخسائر.
  • الطمع قد يدفع المتداول إلى ترك صفقة تداول وعدم إقفالها عند المستوى المحدد للربح المستهدف وفقًا لإستراتيجيته. وهو ما يثير مخاطر تحقيق أرباح أقل إذا انقلب السوق في الاتجاه المضاد.
  • الغرور هو عدم اعتراف المتداول بأنه مخطئ، ويمكن للغرور أن يؤثر على المتداول بدفعه إما إلى عدم إقفال صفقات عندما تستلزم إستراتيجيته ذلك أو إلى استمرار محاولات التداول في نفس الاتجاه بعد أن تُقفَل صفقات التداول.
  • التداول الانتقامي هو محاولة المتداول مطاردة الأموال التي خسرها دون أي اعتبار للإستراتيجية.
  • بناء الثقة في خطة التداول والتداول باستخدام حسابٍ تجريبي يساعدانك في النهاية في تعلُّم السيطرة على مشاعرك.
  • وجود إستراتيجية تحقق نسبة ربح 100% أمر غير واقعي، ويجب أن تتعلم قبول المخاطر في كل صفقة تداول.
show less